تركض سارة سريعًا لتلحق موعد القطار، لكنها اكتشفت أن القطار سوف يتأخر ساعة عن موعدِه، في هذه اللحظة بدأت تهدأ قليلًا؛ لتتذكر أنها قد نسيت تذكرة القطار في البيت؛ نظرًا لأنها كانت تحاول إنجاز كل شيء في اللحظات الأخيرة قبل السفر، لذا عليها أن تدفع تذكرة أخرى بالإضافة للغرامة؛ حيث إنها لم تتمكن من حجز التذكرة عن طريق الموقع الإلكتروني أو التطبيق في اليوم السابق. ولربما لن تستطيع الجلوس في حالة اكتظاظ القطار بالمسافرين. كانت سارة في عجلةٍ من أمرِها قبل السفر؛ لأن المياه في المنزل كانت مقطوعة؛ بسبب عطل في السباكة، والسباك لم يحضر في الموعد المتفق عليه، كانت سارة في حَيْرَةٍ، هل تتواصل مع السباك مرة أخرى وترجوه للمجيء؛ لتصليح السباكة، وبالتالي سوف يكون هناك مياه بالمنزل؛ حيث كانت تأمل سارة في الاستحمامِ سريعًا قبل السفر. أم أن هذه فكرة غير صائبة؛ لأن ما تبقى من الوقت من سويعات لن يكون كافيًا لإتمام هذه المهمة ومن الأفضل استخدام ما تبقى من المياه في القارورة الآن وتأجيل فكرة تصليح المواسير بعد العودة. في هذه الأثناء كانت هناك مكالمة تليفونية غاضبة من مديرة سارة في العمل؛ لأنها لم تنجز ما تبقى من تقارير، وقررت تسليمه لزميلة أخرى، ولكن هذه الزميلة جاءتها مكالمة طارئة من حضانة طفلها، فذهبت مسرعةً دون إنجاز باقي التقارير ودون أن تلبغ سارة بالموقف. كانت سارة تشرب آخر ما تبقى من كوب القهوة السيء في محطة القطار تفكر في عدة أشياء. لماذا دائمًا عملية الاختيار هي عملية شاقة، ليست هناك اختيارات مريحة أو سهلة، كلها أشبه ببعضها البعض، معظمها آخر الصف؛ حيث تقل الخيارت وتنعدم بها فرص التأمل، فالاختيار الأسرع هو الاختيار الأمثل. عليها دائمًا اختيار ما تبقى من الفرص، هذا إن وجدت. تنعكس تأملات سارة على اختيار مجموعة من الأفلام، تطرح أفكارًا مختلفة ومتداخلة عن التفكير المزدوج، عن الراحة والخوف والذكريات والصور. تأخذنا الأفلام في رحلة مشتتة ومتناقضة وعشوائية أحيانًا عبر اقتراحات لمراقبة مسارات حسية بسيطة وخفيفة الظل، وأحيانًا مسارات سياسية وعنيفة أو +موترة، بعضها يستدعي نماذج لصور أو موسيقى لها رمزية أو دلالات خاصة أو مرتبطة بالذاكرة الجمعية، لتخلقَ تلك الرحلة بالنهاية سردية مجردة عن اختياراتنا وعلاقاتنا الشاقة المستمرة بالأشياء؛ سواء كانت جسدية أو حسية أو ما تبقى منها. اختيار الأفلام وبرمجة: محمد علام، منة الشاذلي. هذا البرنامج بالتعاون مع دي*سينك – مركز الصورة المعاصرة «دي*سينك» – سلسلة أمسيات مخصصة للأفلام والفيديو والصورة المتحركة والتي نأمل أن تكون أكثر انفتاحًا. نسعى من خلال العروض ان نناقش سويا أعمال فنانين/ات وصانعين/ات أفلام من محبي/ات التجريب بالصوت والصورة. يتناول «دي*سينك» بشكل خاص الأعمال التي تحمل جانبًا ما من التجريب الجمالي أو السردي أو المفاهيمي أو التي تحاول إيجاد طرق مختلفة للعمل سويًا. كما نهتم بتاريخ نوادي السينما والطرق البديلة للتجمع حول الأفلام.
.